مع انتشار الإنترنت وتوفره على نطاق عالمي، أصبح وسيلة تسويقية لا تقل أهمية عن التسويق التقليدي. حيث أسهم في نقل الأعمال التجارية من الأساليب التقليدية المقيدة بالوقت والمكان إلى البيع والتسويق الإلكتروني بالكامل، مما أتاح لأصحاب الأعمال والمسوقين تجاوز التحديات التقليدية للتسويق. هذا التحول أدى إلى ظهور التجارة الالكترونية التي يعتمد فيها التجار بشكل كامل على الانترنت للترويج لمنتجاته وخدماته.
تعتبر التجارة الإلكترونية أحد أسرع الأعمال نموا في العالم بأسره. حيث حقق عدد كبير من رواد الأعمال والشركات نجاحا كبيرا وثروة سريعة نسبيا عبرها. لهذا قررنا التطرق في هذا المقال إلى تعريف التجارة الالكترونية، أنواعها، مميزاتها، وطريقة فتح مشروع تجارة إلكترونية ناجح.
تعريف التجارة الالكترونية
يقصد بالتجارة الالكترونية عمليات البيع والشراء التي تمر عبر الانترنت بشكل كامل بدءا من التسويق وحتى يتسلم العميل المنتج أو الخدمة الخاصة به. حيث تتم فيها من جانب التجار عملية تسويق المنتجات والخدمات عبر التسويق الرقمي، ومن جانب العميل تتم عملية الشراء عبر أحد الأجهزة الالكترونية كالحواسيب والهواتف الذكية مثلا.
من الضروري الإشارة والتنويه إلى أن التجارة الالكترونية مثلها مثل التجارة التقليدية بالضبط، حيث يمكن للتجار بيع أي بضاعة وخدمة يريدون بيعها. كما تتوفر للعملاء جميع المنتجات التي يحتاجونها من بقالة وأجهزة إلكترونية وتذاكر سفر وكتب وملابس وغيرها.
أنواع التجارة الالكترونية
تتعدد أنواع التجارة الإلكترونية وطرق تصنيفها، لذا فإن معرفتها وفهم خصائص كل نوع منها يُعَدُّ أحد المفاتيح الأساسية التي يمكن أن تساهم في توفير الكثير من الوقت والجهد لرواد الأعمال، من خلال تقليل الحاجة إلى التجربة والتعلم الطويل. كل نوع من هذه الأنواع يتميز بمميزاته وعيوبه، وكذلك بنموذج عمله ونموذج الربح الخاص به. فيما يلي أبرز الأنواع التي تبرز في مجال التجارة الإلكترونية:
الدفع عند التسليم
يعتبر الدفع عند التسليم أحد أكثر أنواع التجارة الإلكترونية شهرة في منطقة الشرق الأوسط، وينتشر هذا النوع بصفة خاصة في الأوساط التي لا يشيع فيها استخدام وسائل الدفع الإلكتروني. حيث أن الدفع عند التسليم يتيح للعميل دفع قيمة المنتج عند استلامه.
الدروبشيبينج
بخلاف الدفع عند التسليم، يقوم الدروبشيبينج بصورة أساسية على الدفع الالكتروني. ويقوم نموذج عمل هذا النوع على التسويق والترويج للمنتجات دون الحاجة إلى امتلاك مخزون منها. حيث أن التاجر في هذا النموذج يعتمد على مورد المنتج، وحينما يحقق مبيعة يقوم بشراء المنتج بمعلومات العميل ليتم شحن الطلب له مباشرة من قبل المورد. وبشكل عام، من أجل بدأ الدروبشيبينج يحتاج التاجر فقط إلى إنشاء متجر إلكتروني وتعلم التسويق الرقمي، من أجل عرض المنتوجات والترويج لها لتحقيق الأرباح.
العلامات التجارية الخاصة
يعتمد هذا النموذج على تصنيع منتجات الشركة من الصفر بواسطة طرف ثالث، حيث تتعاقد معه الشركة المالكة للمنتجات وتدفع له مقابل تصنيع المنتجات لها. يتميز هذا النوع من التجارة الإلكترونية بأنه يتيح للشركات التحكم بشكل كامل في تصميم وشكل المنتج النهائي، مما يمكنها من إنشاء متجر مميز وفريد يقدم منتجات مختلفة عن المنافسين.
البيع من شركة إلى شركة (B2B)
يقوم نموذج عمل البيع من شركة إلى شركة ة (B2B) على بيع الخدمات والمنتجات من شركة إلى شركة أخرى. حيث تقوم الشركات في هذا النموذج بالتسويق والترويج للمنتجات والخدمات للشركات والمؤسسات التي تحتاجها. ويعتبر موقع علي بابا الصيني أحد أشهر نماذج البيع من شركة إلى شركة، حيث أنه يعمل على الوساطة بين المصانع الصينية وشركات التجارة بنوعيها التقليدي والالكتروني.
البيع من شركة إلى مستهلك (B2C)
يعتبر هذا النموذج أحد أشهر نماذج التجارة الإلكترونية وأكثرها شيوعا، حيث تقوم الشركات فيه ببيع المنتجات أو الخدمات مباشرة للمستهلكين. ويعتبر موقع أمازون مثالا بارزا على هذا النموذج، حيث أنه يقوم ببيع مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات للمستهلكين بطريقة مباشرة.
البيع من مستهلك إلى مستهلك (C2C)
يعتمد نموذج البيع من مستهلك إلى مستهلك (C2C) على بيع وشراء المنتجات والخدمات بين المستهلكين بشكل مباشر. تشتهر منصات التواصل الاجتماعي، مواقع الفريلانسينغ، ومواقع مثل eBay باستخدام هذا النموذج، حيث تعمل هذه المنصات كوسيط بين المستخدمين لتسهيل عمليات البيع والشراء.
مميزات التجارة الالكترونية
تمتلك التجارة الالكترونية مجموعة من المزايا التي جعلتها الخيار المفضل عند عدد كبير من رواد الأعمال والشركات مقارنة بالتجارة التقليدية. ومن بين هذه المميزات يمكن أن نذكر:
كسر الحواجز الجغرافية
تعتبر إحدى أبرز مزايا التجارة الالكترونية كسرها الحواجز الجغرافية، الشيء الذي يمكن التجار الالكترونيين من زيادة عدد مبيعاتهم وتحقيق أرباح كبيرة. فالتاجر يمكنه بيع خدماته ومنتجاته على مستوى جميع أنحاء العالم حسب ما يناسبه والفئة التي يستهدفها وإمكانياته، ويرجع هذا لاعتمادها بشكل كامل على الانترنت للتسويق للمنتجات والخدمات.
سهولة الوصول إلى عدد كبير من العملاء
تعتمد التجارة الإلكترونية بشكل كبير على التسويق الرقمي للوصول إلى العملاء المستهدفين. انتشار الإنترنت وتوفره لدى معظم سكان العالم قد مكّن التجار من توسيع نطاق وصولهم إلى جمهور واسع، مما يسهل عليهم زيادة المبيعات وتحقيق أرباح أكبر وأعلى.
انخفاض التكلفة المالية للمشروع
تعد تكلفة بدأ مشروع تجارة إلكترونية أقل من تكلفة بدأ مشروع تجارة تقليدية بكثير، حيث أن التجارة الإلكترونية لا تحتاج إلا لإنشاء متجر إلكتروني في البداية. كما أن إنشاء متجر إلكتروني يعتبر سهلا للغاية حيث تتوفر عدة أدوات التي تمكن من ذلك بسهولة وبأسعار منخفضة للغاية لا تتجاوز العشرين دولارا شهريا كأعلى تقدير بالنسبة للأفراد. كما أنه من السهل إدارته لوحدك دون الحاجة لدفع تكاليف موظفين وما إلى ذلك كما الحال عند بدأ مشروع تجارة تقليدية.
الاستهداف التسويقي الدقيق للعملاء
اعتماد التجارة الالكترونية على التسويق الرقمي يمكن التجار من استهداف عملائهم بدقة كبيرة للغاية، حيث يمكنهم تحديد الفئة التي يستهدفونها واهتماماتهم والموقع الجغرافي الخاص بهم والكثير من المعلومات الأخرى. عكس التجارة التقليدية التي لا تمكن التجار من القيام بأي استهداف لعملائهم في أغلب الأحيان.
توقيت العمل الغير المحدود في التجارة الالكترونية
بخلاف التجارة التقليدية التي تلتزم بوقت وعدد ساعات محدد للعمل خلال اليوم، تعمل التجارة الإلكترونية بشكل متواصل على مدار الساعة، وطوال أيام الأسبوع. بهذا يمكن للمتاجر الإلكترونية جذب عدد غير محدود من الطلبات في أي وقت، ليلا ونهارا، بفضل إمكانية طلب العملاء للمنتجات والخدمات دون أي قيود زمنية.
كيف تفتح مشروع تجارة إلكترونية ناجح
يعتبر بدأ مشروع تجارة إلكترونية ناجح هدفا للكثير من رواد الأعمال، سواء الجدد منهم أو ذوي الخبراء، وهذا بفضل كثرة الفرص والاغراءات التي يوفرها هذا المجال. ومع ذلك، يعرف هذا المجال العديد من التحديات والمشاكل بالإضافة إلى المنافسة الشديدة. لذا يعتبر من الضروري على كل مهتم بإطلاق متجره الإلكتروني الخاص وضع خطة محكمة لتنفيذ المشروع قبل البدأ. هذا الأمر يعد أساسيا ولا بد منه من أجل ترتيب الأولويات وتحديدها ومعرفتها بدقة.
بشكل عام، تتضمن خطة تنفيذ وفتح مشروع تجارة إلكترونية ناجح الخطوات الآتية:
اختيار المنتجات أو الخدمات التي ستقوم ببيعها
يعتبر اختيار المنتجات أو الخدمات التي ستتخصص في بيعها أولى خطوات بدأ مشروع تجارة إلكترونية ناجح، وتعد هذه الخطوة في الواقع أصعب خطوة في بدأ المشروع. وتوجد عدة طرق لاختيار المنتجات أو الخدمات التي ستبيعها في متجرك الالكتروني، فيمكنك بيع المنتجات والخدمات التي تمتلك خبرة وفهما جيدا فيها، لأن خبرتك في تلك المنتجات ستسهل عليك التميز عن المنافسين.
يمكنك أيضا القيام بالبحث عن تلك الخدمات أو المنتجات التي يصعب على المستهلكين الوصول إليها عبر المتاجر التقليدية وكذلك المتاجر الالكترونية المنافسة. كما أن التخصص في بيع فئة معينة من المنتجات يعتبر فكرة جيدة لأنه يسهل على التاجر النجاح فيه وبناء علامة تجارية قوية عبره.
بعد اختيار وتحديد المنتج الذي ستبدأ ببيعه في متجرك الالكتروني، يجب عليك القيام بالبحث عن مورد موثوق لتوريد ذلك المنتج. من المهم أن تحصل عليه بأفضل سعر ممكن في السوق كي تضمن قدرتك على المنافسة بفعالية وتحقق هامش ربح جيد.
اختيار منصة التجارة الالكترونية وانشاء متجر الكتروني
يعتبر اختيار منصة التجارة الالكترونية التي ستنشئ عليها متجرك الإلكتروني خطوة أساسية في بدأ مشروع تجارة إلكترونية ناجح. عليك في هذه الخطوة تحديد ما إذا كنت ستبيع في منصة وسيطة بينك وبين العملاء مثل أمازون أو جوميا وما إلى ذلك، أو ستعتمد على أحد أنظمة إدارة المحتوى التي تمكنك من إنشاء متجرك الإلكتروني بسهولة ودون حاجة إلى خبرة تقنية كبيرة، حيث ستقوم بالتسويق لمنتجاتك بنفسك.
نود أن نشير إلى أن البيع على منصة وسيطة يتميز بأنه يقلل الجهد في التسويق بخلاف إنشاء متجر إلكتروني خاص، حيث أنه تجذب عددا كبيرا من العملاء بشكل طبيعي. إلا أن رسوم البيع على تلك المنصات تكون مرتفعة للغاية مقارنة بإنشاء متجر إلكتروني خاص بك. من ناحية أخرى، يجب عليك العمل على ترويج منتجاتك وخدماتك بنفسك عند اختيارك إنشاء متجرك الالكتروني الخاص، إلا أنه يمنحك تحكما مطلقا في هوامش الربح والإدارة.
وضع خطة عمل
بعد اختيار المنتجات والخدمات التي ستبدأ ببيعها وإنشاء متجرك الالكتروني، يجب عليك القيام بوضع خطة عمل شاملة. يجب أن تتضمن هذه الخطة الوسائل اللوجستية التي ستعتمد عليها، وكذلك تحديد المهام اليومية التي ستقوم بها المتعلقة بالتسويق والإعلان. بشكل عام، احرص على إعداد خطة عمل مفصلة تتضمن جميع ما تحتاجه للقيام به لإدارة مشروعك بنجاح.
وضع استراتيجية تسويق
تعتبر الدعاية والإعلان عاملا حاسما في نجاح مشروعك من فشله، حيث أن استراتيجية التسويق الناجحة هو ما يمكنك من تحقيق عدد جيد من المبيعات. توجد العديد من الإستراتيجيات التسويقية التي يمكنك الاعتماد عليها من أجل الوصول إلى العملاء، مثل التسويق بالمحتوى، السيو، التسويق المدفوع عبر محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك التسويق عبر المؤثرين.
ننصحك في البداية بالتركيز على القنوات التسويقية التي يمكنك تحقيق مبيعات فورية عن طريقها، خاصة التسويق المدفوع عن طريق منصات السوشيال ميديا مثل فيسبوك، انستغرام، يوتيوب، وتيك توك، وكذلك التسويق المدفوع عبر محرك البحث جوجل. أيضا يفضل أن تركز على تعلم التسويق الالكتروني والتدرب عليه جيدا من أجل تحقيق مبيعات بأقل تكلفة ممكنة.
إطلاق المتجر وبدأ العمل على تطويره
بعد تنفيذ جميع الخطوات السابقة، وتوريد المنتج الذي قررت بيعه واختيار القنوات التسويقية التي ستستخدمها، وإنشاء المتجر الإلكتروني، يجب عليك القيام بإطلاق المتجر والبدء في العمل عليه. قم بإطلاق حملاتك التسويقية، وابدأ العمل على خدمة العملاء وإرسال الطلبات لهم. كذلك احرص على الرد على تعليقات العملاء، وشجعهم على تقديم مراجعات للمنتجات التي يشترونها من متجرك، حتى تتمكن من تحسين خدمتك بناء على ملاحظاتهم.