أصبح موضوع ريادة الأعمال أحد أكثر المواضيع رواجا وإنتشارا خلال أيامنا الأخيرة في المنطقة العربية. وذلك لسببين، إما بسبب واقعنا الذي تغلب عليه البطالة بأغلب دولنا العربية. الشيء الذي دفع الكثيرين إلى البحث عن بدائل من أجل تأمين دخل يضمن لهم حياة كريمة. أو بسبب ازدياد طموح الشباب وحلمهم بامتلاك مشاريعهم الخاصة. ورغم كل هذا الإنتشار بقي هذا المجال غامضا لدى الكثير من الأشخاص. لذلك قررت اليوم أن أقدم لكم في هذه المقالة كل ما يتعلق بمجال ريادة الأعمال.
تعريف ريادة الأعمال:
ريادة الأعمال أو كما تعرف باللغة الإنجليزية entrepreneurship، يمكن تعريفها بالمجمل على أنها القيام ببناء وإطلاق مشروع تجاري وتنظيمه وتطويره. وذلك عبر توفير وإستغلال كافة الموارد المتاحة وتحمل جميع المخاطر المترتبة عن هذا المشروع. بهدف تحقيق ربح في النهاية سواء كان ماديا أو معنويا.
ما هي أنواع ريادة الأعمال:
تختلف أنواع ريادة الأعمال باختلاف رؤى الناس وطريقة تفكيرهم، حيث توجد العديد من الأنواع وأشهرها:
– ريادة الأعمال الصغيرة:
تعتبر الأعمال الصغيرة أكثر أنواع الأعمال انتشارا في العالم، حيث أنها مشاريع صغيرة تقدم خدماتها لفئة قليلة من الناس وجمهورها المستهدف في الغالب هم الأفراد المحليون، تعتبر أرباح هذا النوع من المشاريع محدودة للغاية حيث أنها تحقق عوائد صغيرة لأفرادها تكفي لتغطية نفقاتهم واحتياجات أسرهم، تعتبر نقطة الاختلاف الأساسية بين هذا النوع من ريادة الأعمال والأعمال القابلة للتوسع أن هذه الأعمال الصغيرة لا يمكنها أن تجذب رأس المال الاستثماري، بحيث أنها تمول في الغالب من طرف المؤسس أو الأهل أو الأصدقاء أو غيرها، ومن الأمثلة على هذا النوع يوجد صالونات الحلاقة، محلات البقالة، ورشات الحرف الفردية وغيرها.
– ريادة الأعمال القابلة للتوسع ( الشركات الناشئة ) :
اكتسبت ثقافة الستارت اب زخما واسعا خصوصا بعد فقاعة الدوت كوم، حيث ساهم الأنترنت كثيرا في تطويرها ونشرها وكذلك تسريع وتيرة نموها، وهي ببساطة عبارة عن شركة في طور النمو تقوم فكرتها على حل مشكلة يعاني منها الناس، حيث يعمل المؤسس على توفير واستغلال كافة الموارد البشرية والمادية بهدف تحويل هذه الفكرة إلى واقع، يعتبر هذا النوع من الشركات أكثرها مواجهة للمخاطر خصوصا أنه يغلب على نجاحها درجة عالية من الشك في نجاحها، يسهل نسبيا على مؤسسي الشركات الناشئة الحصول على تمويل وذلك لكون نجاح هذه الشركات يجعلها تنمو بوتيرة سريعة سواء من ناحية القيمة السوقية وكذلك الأرباح كما أن أكثر هذه الشركات التي تحقق نجاحا تصبح في الأخير شركات أحاديات القرن ( تتجاوز قيمتها السوقية المليار دولار ).
– ريادة الأعمال الكبيرة:
وهذا النوع من أنواع ريادة الأعمال مخصص للشركات الكبيرة القائمة بالفعل، حيث تقوم الشركة في هذا النوع بتطوير منتجات جديدة تتمحور حول المنتجات الرئيسية بهدف مواكبة التطورات والتغيرات وتنمية الشركة أكثر وأيضا تلبية احتياجات السوق، في الغالب ما يقود هذا النوع من المشاريع قادة تنفيذيون يملكون خبرة بمجال ريادة الأعمال وإدارة المشاريع
لكي تفهم أكثر يمكننا أن نأخذ شركة غوغل التي يعتبر محرك البحث منتجها الرئيسي حيث أنها قامت بإطلاق الكثير من المنتجات التي تتمحور حوله كبرنامج أدسنس مثلا الذي أنشأته بهدف تمكين أصحاب المواقع من الربح من موقعهم الإلكتروني وكذلك تطوير النظام الإعلاني الخاص بالشركة عبر إتاحتها مجموعة مختلفة من الأصناف الإعلانية للمعلنين وبالتالي هيمنة االشركة على قطاع الإعلان عبر الأنترنت وأيضا زيادة أرباح الشركة وهكذا.
ما هو الفرق بين رواد الأعمال ورجال الأعمال:
يطلق على الشخص الذي يقوم بريادة الأعمال إسم رائد الأعمال. ورائد الأعمال هو الشخص الذي يقوم بالانتقال بفكرته التي تحل مشكلة إلى أرض الواقع. وذلك عبر تحمل كافة المخاطر المرتفعة المترتبة عنه. أما بخصوص رجل الأعمال فهو الشخص الذي يقوم بدراسة حالة السوق وتوفير المنتجات والخدمات التي تعرف طلبا عاليا. ويؤسس أعماله على أفكار موجودة بالفعل ويدخل السوق بصفته منافسا ولاعبا جديدا به.
الفرق الجوهري الذي يوجد بين هذين الشخصين هو أن رائد الأعمال يملك قدرة أكثر على الابداع وتأسيس السوق. بعكس رجل الأعمال الذي يبني مشروعه على فكرة مطروحة بالفعل في السوق. أما بخصوص المنافسة والمخاطرة، فالمنافسة التي يواجهها رجال الأعمال تعتبر أكثر من التي يواجهها رواد الأعمال وذلك لأن رائد الأعمال يأتي بفكرة جديدة ويعتبر هو مؤسس السوق، بينما تعد المخاطرة التي يواجهها رائد الأعمال أكثر من التي يواجهها رجال الأعمال وذلك لأن رجال الأعمال يمشون في طريق متبعة مسبقا من قبل رجال أعمال اخرين عكس رواد الأعمال.
ما هي أهمية ريادة الأعمال:
تتمظهر أهمية هذا المجال في كونه الدافع الأساسي لعجلة الاقتصاد في مختلف البلدان. كما أن له العديد من المنافع حيث أنه يلعب دورا أساسيا في تحفيز الابتكار والتطوير. كما أنه يقدم حلولا لمشاكل الناس ويسهل حياتهم. أيضا تحل ريادة الأعمال المشاكل الاجتماعية للمجتمع من فقر وبطالة عبر توفير فرص شغل للشباب. كما أنها تقوم أيضا بتنمية إقتصادات البلدان وكذلك بزيادة المداخيل الضريبية للحكومات.
ما هي المخاطر والصعوبات التي ستواجهها كرائد أعمال:
تعتبر طريق ريادة الأعمال طريقا صعبة للغاية حيث أنها مليئة بالعوائق والصعوبات. وإذا كنت تود أن تصبح رائد أعمال فاعلم بأن الطريق ليست وردية بتاتا كما يروج لها. حيث أنك ستواجه الكثير من المخاطر والعوائق منذ البداية. ومن بين هذه المخاطر توجد:
–إمكانية فشل المشروع:
تعد أكبر مخاطرة ستواجهها كرائد أعمال هي إمكانية فشل المشروع، حيث أن ريادة الأعمال مبنية على المجازفة. كما أن نسبة نجاح وفشل أي مشروع تظل مبهمة وبالتالي تظل إمكانية فشل المشروع واردة وبقوة خصوصا للأشخاص منعدمي الخبرة بالمجال.
– إمكانية خسارة المال وإضاعة الوقت:
تعتبر المجازفة هي العمود الفقري لريادة الأعمال وأول مخاطرة ستواجهك هي إمكانية فشل المشروع. والذي سينتج عنه بطريقة مباشرة خسارة الأموال وإضاعة الوقت. حيث أن بناء أي مشروع يلزم على رائد الأعمال رأس مال لبدأه وتخصيص وقت للعمل عليه وتطويره.
– عدم تحقيق أرباح في البداية:
يعتبر عدم تحقيق أرباح في أي مشروع ناشئ وحديث التأسيس أمرا مؤكدا وذلك لأن هذه المرحلة من عمر المشروع تعتبر مرحلة بناء مكانة للمشروع في السوق وبناء قاعدة عملاء له، وبالتالي يجب على كل رائد أعمال أن يدرك أن عدم تحقيق أرباح في بداية أي مشروع أمر طبيعي ويجب أن يدرك بأنه يجب عليه أن يتعامل في هذه المرحلة بذكاء مع رأس المال كي يتجنب خسارة الموارد المالية ويفشل المشروع.
– مواجهة منافسة كبيرة:
يوجد إحتمال كبير بأن تواجه منافسة كبيرة من قبل اللاعبين الذين دخلوا السوق قبلك عند إطلاق مشروعك الريادي الجديد. ورائد الأعمال المحترف هو من يقوم باللعب مع المنافسين بذكاء حتى يأخذ أكبر حصة من السوق، وإن كنت ممن وقعوا في هذه الحالة ننصحك بأن تتعامل مع المنافسة بعقلية الفلاح حيث يجب عليك أن تشتغل على بناء علامتك التجارية وتطورها وكذلك تشتغل على المنتج وتحسن منه ولا بد أن تشتغل أيضا على الجانب التسويقي لمشروعك.
– الاصابة بمشاكل نفسية بسبب ريادة الأعمال:
تعتبر ريادة الأعمال مجالا مليئا بالصعاب والمشاكل النفسية حيث يعتبر الإكتئاب والتوتر والإجهاد أهم هذه المشاكل. وذلك راجع للعديد من الأسباب مثل ساعات العمل الكثيرة والخوف الناتج عن إمكانية خسارة جميع الأعمال بين ليلة وضحاها. وأيضا قصر الوقت المخصص للعلاقات الاجتماعية. ننصحك كرائد أعمال بمنح علاقاتك الاجتماعية وقتا أكثر. بالإضافة إلى تقوية علاقتك مع الله حيث أن هذا الأمر سينقص من التوتر والإجهاد الذي ستعاني منه.
خاتمة:
تعد ريادة الأعمال مجالا كبيرا للغاية والنجاح فيه عبر فهمه نظريا يعتبرا شيئا شبه مستحيل. حيث يجب على كل من يرغب بالنجاح فيه أن يغامر ويبدأ مشروعه وأن يكتسب الخبرة ويتعلم من تجاربه ومن تجارب من سبقوه.
