يعتبر مصطلح الشركات الناشئة أحد أكثر المصطلحات الرنانة والشائعة لدى أغلب المهتمين بريادة الأعمال. ويرجع هذا الشيوع والإعجاب الذي ناله هذا النوع من المشاريع إلى الإغراءات المتعددة التي باتت تقدمها. حيث أن إطلاق شركة ناشئة يعد مغامرة ممتعة رغم أنها مليئة بالتحديات.
فالشركات الناشئة أنشأت صنفا جديدا من الأثرياء الشباب، تمكنوا في غضون سنوات قليلة من جمع ثروات كبيرة تقدر بملايين الدولارات. فمعظم أثرياء اليوم جمعوا ثرواتهم من إطلاق شركات ناشئة، وأصبحوا مليونيرات ومليارديرات عصاميين في أعمار صغيرة بسبب تميز هذا النوع من الشركات بسرعة النمو التي يعرفها.
لذلك قررنا في هذا المقال التطرق إلى تعريف الشركات الناشئة، وكذلك مصادر تمويلها، والفرق بينها وبين المشاريع التقليدية، وخصائصها، بالإضافة إلى خطوات تأسيس شركة ناشئة بنجاح
تعريف الشركات الناشئة
الشركات الناشئة أو Start-Up عبارة عن شركات تتميز بقابليتها على التوسع وتهدف إلى إطلاق وتطوير منتج أو خدمة أو نشاط للسوق. وتقوم على أفكار إبداعية ومبتكرة تحل مشاكل المجتمع والبيئة وما إلى ذلك. ويتميز هذا النوع من المشاريع في الغالب بأنه يكون حديث الإنشاء ويتميز بطابعه الرقمي، كما أنه يعرف نموا بوتيرة سريعة. ويكون من السهل على هذا النوع من الشركات دخول أسواق جديدة والنمو فيها. كما أن الشركات الناشئة يمكن بدأها بمبلغ مالي ومصاريف قليلة للغاية مقارنة بباقي أنواع المشاريع. بالإضافة إلى أن العائد على نجاحها يعتبر مرتفعا وعال للغاية رغم المخاطر والتحديات التي تعرفها والتي تزيد احتمالية فشلها بشكل كبير.
الفرق بين الشركات الناشئة والمشاريع التقليدية
يعاني الكثير من المهتمين بريادة الأعمال من صعوبة التفريق بين الشركات الناشئة والمشاريع التقليدية، وذلك بسبب التشابه بين النوعين واشتراكهما في بعض النقاط. يتمثل الفرق الأساسي بين الشركات الناشئة والمشاريع التقليدية في أن المشاريع الناشئة تهدف لتطوير خدمة أو منتج فريد، وتركز في الغالب على العمل في أسواق حديثة مثل سوق التكنولوجيا، كما تركز على التطوير والابتكار والنمو السريع. كما أنها تتجنب في الغالب الحصول على تمويلات عن طريق القروض البنكية. على النقيض، المشاريع التقليدية تستهدف في الغالب أسواق تقليدية وتقديم منتوجات وخدمات على المستوى المحلي أو الإقليمي، وتعتمد في نموها على إعادة استثمار الأرباح، كما أن فترة نموها تأخذ وقتا طويلا جدا مقارنة بالمشاريع الناشئة. بالإضافة إلى أنها تحتاج استثمارات أكثر نسبيا لتحقيق عائد أكبر.
خصائص المشاريع الناشئة
تتميز الشركات الناشئة بالعديد من الخصائص التي تجعلها محط عدد كبير جدا من رواد الأعمال والمستثمرين على حد سواء، وتتجلى هذه الخصائص في:
حل المشكلات
يعتبر حل المشاكل التي يواجهها ويعاني منها العملاء أبرز ما يميز المشاريع الناشئة، ذلك أنها تعمل على تلبية حاجة السوق في منتج معين.
الابتكار والابداع
يعد الابداع والابتكار أكثر ما يميز الشركات الناشئة عن باقي أنواع المشاريع، حيث أن المشاريع الناشئة تلعب على الخروج عن النمط التقليدي للتفكير وتعمل على انتاج منتوجات بأفكار إبداعية ومبتكرة.
النمو بسرعة قياسية
تتميز المشاريع الناشئة بخاصية النمو بوتيرة سريعة عكس باقي أنواع المشاريع، حيث أنها تهدف إلى دخول عدة أسواق في فترة زمنية قصيرة مع مراعاة زيادة الأرباح والمبيعات.
قابلية التوسع والتطور
تعرف المشاريع الناشئة نوعا من الديناميكية والمرونة وقابلية التوسع والتطور، حيث تقوم على نظام يسهل عليها مواجهة جميع الظروف والتغيرات الحاصلة سواء في السوق أو ضمن الشركة نفسها.
مصادر تمويل المشاريع الناشئة
تختلف مصادر تمويل الشركات الناشئة عن باقي أنواع المشاريع، لأنها تعرف عائدا مرتفعا جدا على الاستثمار رغم أن نسبة فشلها تعتبر مرتفعة مقارنة بالمشاريع التقليدية. وهذه أشهر مصادر تمويل الستارت آب:
التمويل الذاتي
يعد التمويل أحد أكثر مصادر تمويل المشاريع التي تستخدمها المشاريع الناشئة في بدايتها، ويرجع هذا لكونها تحتاج رأسمال أقل نسبيا من بقية المشاريع. ويمكن أن يكون التمويل الذاتي عبارة عن مدخرات شخص أو دعم من أفراد العائلة أو ما شابه ذلك من طرق التمويل.
رأس المال الاستثماري
رأس المال الاستثماري عبارة عن شركات استثمارية تجمع أموالا من مستثمرين وشركات وتعمل على إعادة استثمارها في الشركات الناشئة، وتستثمر هذه الشركات في الغالب مبالغ ضخمة في الشركات الناشئة التي تعد في مرحلة نمو متقدمة نسبيا. تحصل شركات الاستثمار هذه على نسب كبيرة من المشروع، كما أنها تساعد رائد الأعمال بخبرات وعلاقات للنجاح في مشروعه.
المستثمرون الملائكيون
المستثمرون الملائكيون هم أفراد أثرياء يعملون على استثمار أموالهم الشخصية في الشركات الناشئة التي تتماشى مع معاييرهم في الاستثمار. كما تكون المبالغ التي يستثمرها المستثمرون في الشركات والحصة التي يأخذونها منها صغيرة نسبيا. بالإضافة إلى أن المستثمر يقوم بتقديم الدعم عبر خبرته وتجربته وعلاقاته كي يحقق رائد الأعمال النجاح.
المنح الحكومية
توفر العديد من الحكومات حول العالم العديد من المنح والدعم المالي للمشاريع والشركات الناشئة. لتشجيع الابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي. ويتميز هذا الدعم المالي الحكومي بأنه يكون دون سداد الشيء الذي يساعد الشركات الناشئة والمشاريع على النمو دون القلق من الديون ويبقى لرائد الاعمال تحكم كامل في مشروعه.
بيع حصص من الشركة
يمكن جمع تمويل للمشروع عن طريق بيع حصة من المشروع مقابل تقديم جزء من الشركة للمساهم الجديد. وتتميز طريقة التمويل هذه بأنها تمكن رائد الأعمال من زيادة رأس المال دون الحاجة للحصول على قرض أو سداد المبلغ، بالإضافة إلى أن المساهم يجلب في الغالب معه إضافة إلى المال خبرة وشبكة علاقات قوية تساهم في نجاح المشروع.
خطوات تأسيس شركة ناشئة بنجاح
يعد تأسيس شركة ناشئة تحديا يتطلب من رائد الأعمال مهما كانت خبرته القيام بتخطيط دقيق وتنفيذ محكم للعديد من الخطوات الأساسية. تلعب كل خطوة منها دورا فعالا في تحقيق نجاح المشروع وتنميته. وتشمل هذه الخطوات:
تطوير فكرة المشروع
يعتبر العثور على فكرة منتج أو خدمة أولى مراحل وخطوات تأسيس شركة ناشئة ناجحة، ويعتبر البحث عن مشاكل تعاني منها فئة معينة من الناس الطريقة الناجعة لذلك. حيث يجب عليك القيام بعدها بحل ذلك المشكل أو المشروع عبر خدمتك أو منتجك.
بخصوص حصرية الفكرة، ليس من الضروري في وقتنا الحالي القيام بتطوير منتج أو خدمة حصرية، حيث أن العديد من الشركات الكبيرة أفكارها مقلدة. لهذا إن لم تجد فكرة حصرية يمكنك القيام فقط باختيار مشكلة وتبحث فيها عن ثغرة وتطور لها منتوجا أو خدمة لحلها.
يمكنك أيضا دراسة السوق والتحقق من الاتجاهات الحالية والتقنيات الجديدة التي من الممكن أن تكون مفيدة لك في تطوير فكرة مشروع جيدة. كما أنه سيكون من الأفضل القيام بتحديد مهاراتك ومعارفك واستخدامها لحل مشاكل معينة عبر الجمع بين تلك المهارات والخبرات.
بالتالي، يمكن القول بأن تطوير فكرة ناجحة يعتمد على فهم عميق للمشاكل الموجودة، استخدام مهاراتك وخبراتك بشكل فعّال، واستغلال الفرص في السوق لتحقيق الابتكار والنجاح.
إجراء دراسة جدوى
يقصد بدراسة الجدوى تقييم مدى إمكانية تنفيذ فكرة مشروعك وتحويلها إلى أرض الواقع وتحقيق أرباح عبرها. يعمل رائد الأعمال في هذه الدراسة على تحليل جدوى الفكرة وما إذا كانت تستحق المغامرة والاستثمار. فإذا أظهرت الدراسة أن الفكرة تستحق، يجب عليه أن الانتقال إلى الخطوة التالية. أما إذا كانت لا تستحق، فيجب عليه البحث عن فكرة مشروع أخرى.
على رائد الأعمال الذي يود أن يدرس فكرة شركته الناشئة بطريقة ناجعة ويعرف مدى إمكانية تنفيذها، أن يقوم بوصف المشروع، يحدد أهدافه، يعرف المدة الزمنية المتوقعة لإكماله، تقدير التكلفة الإجمالية المقدرة لبدئه، تحديد الموارد الإضافية المطلوبة، استعراض مشكلات المشروع المتوقعة والحلول اللازمة لحلها، وأيضا توقع نتائج المشروع.
كتابة خطة عمل الشركة الناشئة
يقصد بكتابة خطة العمل دراسة جميع المشروع وتحليلها بهدف وضع خطة مفصلة يجب اتباعها من أجل تنفيذ المشروع وتحقيق أهدافه بنجاح. تعتبر كتابة خطة العمل خطوة مترابطة ومتكاملة مع إجراء دراسة الجدوى في عملية إنشاء وتأسيس شركة ناشئة ناجحة، تتضمن كتابة خطة عمل مجموعة خطوات واستراتيجيات إدارة المشروع الناشئ وتنميته من أجل ضمان نجاحه. وتشمل خطة العمل ما يلي:
وصف المشروع:
تقديم فكرة شاملة عن منتجات المشروع وخدماته.
تحليل السوق:
دراسة وتحليل السوق والعملاء المستهدفين والمنافسين الذين يقدمون نفس خدمات ومنتجات المشروع.
الخطة التشغيلية:
وضع الإجراءات اللازمة لتشغيل المشروع وتطويره وتنميته.
الخطة التسويقية:
وضع استراتيجيات التسويق للوصول إلى العملاء والترويج لخدمات ومنتجات المشروع لزيادة المبيعات.
الخطة المالية:
وضع تقديرات للإيرادات والأرباح والمصاريف المتوقعة من المشروع.
إدارة الفريق:
تحديد الأدوار والمسؤوليات والوظائف اللازمة لإطلاق المشروع.
البحث عن تمويل
يجب على رائد الأعمال بعد القيام بالعثور على فكرة مشروع ناشئ ودراسة جدواه وكتابة خطة عمل له تحديد طريقة التمويل التي سيعتمد عليها في مشروعه. هل سيقوم بتمويل شركته الناشئة من مدخراته الخاصة، أم أنه سينشئ منتج أولي mvp لمشروعه وسيواصل مع صناديق استثمارية ومستثمرين ملائكيين، أم أنه سيبحث عن شريك ليبدأ معه مشروعه الناشئ. يجب أن يأخذ أيضا بعين الاعتبار عند البحث عن مصادر لتمويل شركته الناشئة كل النفقات التي سيحتاجها من قبيل ميزانية تطوير المنتج، الميزانية التسويقية، وأيضا المصاريف الأخرى.
بناء فريق العمل وإطلاق الشركة الناشئة
يعتبر بناء فريق العمل أحد أهم مراحل وخطوات تأسيس شركة ناشئة ناجحة، حيث أن فريق العمل الذي يضم محترفين يجعل رائد الأعمال يركز على تطوير وتنمية مشروعه ويتكلف أعضاؤه بالمهام الموكلة إليهم. ليس بالضرورة جمع موظفين، يمكن لرائد الأعمال ذو الميزانية المحدودة القيام بالاعتماد على الفريلانسرز والدفع لهم مقابل المهمات، وبهذا ستنقص عنه مصاريف المكتب ومصاريف الموظف الشهرية مع ضمان الحصول على النتيجة المرجوة بمقابل معقول.
بعد القيام ببناء فريق العمل، يجب عليك بدأ العمل مع أعضائه على تطوير المنتج، ثم إطلاقه والتسويق له والترويج له. من المهم أن يكون لك عضو في الفريق دور محدد يسهم في تحقيق الأهداف المسطرة بفعالية.